شعر فزاع الإماراتي

عنوان المقال: شعر فزاع الإماراتي

يُعدُّ “شعر فزاع” من أبرز التجليات الشعرية في منطقة الخليج العربي عامةً، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص، حيث يُنسب إلى سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، المعروف بلقب “فزاع”، وهو شاعر نبطي مرموق استطاع أن يجمع بين الأصالة الشعرية والتراث الثقافي العريق من جهة، وبين معاصرة الطرح وشاعرية الإحساس من جهة أخرى. يمثل شعر فزاع نموذجًا فريدًا يجمع بين الهوية الثقافية الخليجية والروح الإنسانية التي تخاطب الوجدان العربي في شتى بقاعه، ويجذب المهتمين بالشعر من مختلف الأعمار والانتماءات.

فزاع: الشاعر والرمز

فزاع ليس مجرد اسم مستعار لشاعر نبطي، بل هو هوية شعرية متكاملة لشخصية بارزة في المشهد السياسي والثقافي الإماراتي. فقد نشأ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد في بيت يحضن الشعر والفكر والسياسة، وهو نجل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، المعروف هو الآخر بحبه للأدب والشعر.

تمثل شخصية فزاع مثالًا متكاملاً للمثقف العربي الحديث الذي يجمع بين القيادة الإدارية والإبداع الأدبي، وقد استطاع عبر قصائده أن ينقل نبض الشارع الإماراتي والخليجي، ويعبّر عن قضايا إنسانية وعاطفية واجتماعية وسياسية بروح شاعرية شفافة.

السمات الأسلوبية لشعر فزاع

يتسم شعر فزاع بعدد من الخصائص الأسلوبية التي تجعل منه شعرًا متفردًا في عالم الشعر النبطي، ولعل أبرز هذه السمات:

1. اللغة النبطية الأصيلة

يكتب فزاع بالنبطية الخليجية، وهي اللغة الشعرية المتوارثة بين الأجيال، والتي تحتفظ بخصائص اللهجة المحلية مع عذوبة التعبير وقوة التركيب. ولعل حرصه على هذه اللغة يربطه بجذور الثقافة البدوية ويُبقي على صلة حية بالهوية الإماراتية والعربية.

2. البناء الموسيقي والإيقاعي

يعتمد فزاع على الأوزان النبطية التقليدية، كالهجيني، والمسحوب، والمربوع، وغيرها، ما يمنح قصائده إيقاعًا جذابًا يسهل ترتيله وغناؤه، ويزيد من انتشارها في المجالس الشعبية والاحتفالات الوطنية.

3. الرمزية الشعرية والبُعد الإنساني

كثير من قصائد فزاع تحمل رموزًا تتجاوز الواقع المباشر لتعبر عن معانٍ إنسانية كبرى، مثل الفخر، والانتماء، والوفاء، والحب، والفقد، وغيرها. كما أن هناك توظيفًا ذكيًا للصور الشعرية المستمدة من الصحراء والطبيعة العربية والموروث الشعبي.

4. الطرح العاطفي والوجداني

يميل فزاع في كثير من أشعاره إلى استكشاف العاطفة الإنسانية، خاصة في موضوعات الحب والغرام والاشتياق. وغالبًا ما تكون هذه العاطفة ناضجة، تعكس عمقًا في الرؤية وإحساسًا داخليًا صادقًا.

أهم الموضوعات في شعر فزاع

يندرج شعر فزاع ضمن عدة موضوعات شعرية، منها ما هو مرتبط بالعاطفة، ومنها ما هو وطني أو فلسفي. ويمكن تصنيف هذه الموضوعات على النحو الآتي:

1. الحب والعشق

الحب حاضر بقوة في شعر فزاع، وغالبًا ما يتناول هذا الحب من زاوية وجدانية نقية، تنقل للقارئ مشاعر الشوق واللهفة والوله، دون تصنع أو مبالغة. وقد تأثر جمهور عريض بهذا الجانب من شعره نظرًا لصدق المشاعر التي تنبعث من النصوص.

2. الحنين والاشتياق

ينبض شعر فزاع بروح الحنين، سواء للزمان الماضي أو لأشخاص غابوا، أو لأماكن تركت أثرًا في وجدانه. وغالبًا ما يتجلى هذا الاشتياق في صور شعرية مؤثرة تحاكي أحاسيس الفقد والرجاء والذكرى.

3. الفخر والانتماء الوطني

الوطن، بوصفه كيانًا ثقافيًا وحضاريًا، يحتل مساحة كبيرة في شعر فزاع. ففي كثير من المناسبات الوطنية يكتب قصائد تعبّر عن حبّه لدولة الإمارات، واعتزازه بقيادتها، وفخره بتاريخها وإنجازاتها. كما تتجلى قيم الولاء والوفاء والتضحية من خلال الألفاظ والمعاني.

4. الخيول والصحراء

بحكم خلفيته الثقافية كابن بيئة بدوية، تكثر في شعر فزاع الإشارات إلى الصحراء والخيول والصقور، باعتبارها رموزًا للحرية والعزة والأصالة. وتظهر هذه الرموز في صور شعرية تحمل دلالات عميقة ترتبط بالهوية الإماراتية.

أمثلة من شعر فزاع

لتقريب الصورة، يمكن عرض مجموعة مختارة من أبيات فزاع التي تُبرز جماليات شعره وخصوصيته:

لا شفت زولٍ زاد قلبي من الشوق

وانا الوله ما بين رمشك وسكناك

ما بين حلمٍ ما تحقق وبي ذوق

أغازلك والشعر صدري ومغناك

وفي بيت آخر يعكس الحنين والاشتياق:

ليت الهوى لحظة، وليت العمر ناسي

وليتني ما قلت أحبك من البدايه

أما في الفخر والانتماء:

دارٍ لها المجد، في عزم الرجال تسكن

وعيونها ما تنام إلا على العليا

تأثير شعر فزاع في المشهد الثقافي

أثر شعر فزاع بعمق في الوعي الثقافي الإماراتي والخليجي، وقد ساهم في إعادة إحياء الشعر النبطي بأسلوب عصري يجذب الأجيال الجديدة، كما أنه ساهم في تعزيز حضور الشعر في الحياة العامة من خلال مسابقات مثل “شاعر المليون” و”البيت”، حيث كانت له مشاركات ودعم كبير لهذه المنصات الثقافية.

يُعدّ شعر فزاع أحد الجسور التي تربط بين تراث الأجداد وآفاق الحاضر، وقد استطاع أن يعيد الاعتبار للشعر الشعبي في مواجهة الشعر الفصيح، دون أن يسقط في التكرار أو النمطية، بل عزز لغة جديدة تستند إلى القديم وتخاطب الحديث.

حضور فزاع في وسائل الإعلام والمنصات الرقمية

واكب فزاع روح العصر عبر استثمار وسائل الإعلام التقليدية والمنصات الرقمية الحديثة في نشر شعره، فقد انتشرت قصائده على شكل مقاطع فيديو وشيلات وأناشيد بصوت أبرز المنشدين، مما زاد من جماهيريته. كما أن وجوده القوي على مواقع التواصل الاجتماعي جعله أقرب لجمهوره، وأتاح مساحة تفاعلية بين الشاعر والمتلقين.

الجدول التالي يوضح أبرز سمات شعر فزاع:

استمرارية فزاع في العطاء الشعري

رغم انشغاله بالمهام الرسمية كولي عهد دبي، إلا أن فزاع لم يتوقف عن إثراء الساحة الشعرية، بل إنه يستمر في تقديم الجديد، سواء من خلال قصائد مكتوبة، أو مشاركات أدبية في فعاليات ثقافية، أو دعم مباشر للمواهب الشابة. وتكمن قوة حضوره في كونه شاعرًا متجددًا يواكب التحولات الاجتماعية والثقافية، دون أن يقطع صلته بالجذور.

الخاتمة

يمثل “شعر فزاع” أحد أعمدة الشعر النبطي المعاصر، وقد استطاع أن يجمع بين الإبداع الفني والمسؤولية الثقافية، ليقدم نصوصًا ذات بعد وجداني وإنساني، متجذرة في التراث الإماراتي ومنفتحة على العالم. وبفضل صدقه، وبلاغته، وارتباطه بالناس، تجاوز فزاع حدود القصيدة ليصبح رمزًا شعريًا وثقافيًا حاضنًا لهوية أمة.

المراجع:

1. ديوان فزاع، منشورات هيئة الثقافة في دبي.

2. مقابلات وبرامج وثائقية عن فزاع على قناة دبي الثقافية.